الفصل الرابع: تجنيد واستخدام الأطفال:

وثقت “مواطنة” خلال عام 2018، حالات تجنيد واستخدام لـ 1117 طفلاً على الأقل. ومن خلال 689 مشاهدة ومقابلة وجدت “مواطنة” أن 72% من هؤلاء الأطفال جنّدهم أنصار الله (الحوثيون). وتركزت هذه النسبة في محافظات صنعاء وصعدة والحديدة والجوف وحجة. ووصلت نسبة الأطفال الذين جنّدتهم القوات الإماراتية بالوكالة (قوات الحزام الأمني وقوات النخبة الحضرمية) إلى 17%، وتركزت هذه النسبة في محافظات أبين، ولحج، وعدن، وحضرموت.

كما وثقت “مواطنة” 11% من الأطفال الذين جنّدتهم القوات الموالية للرئيس هادي ومجموعات المقاومة. وتركزت هذه النسبة في محافظات البيضاء، والضالع، والحديدة، وأبين. ووثقت “مواطنة” تجنيد طفلين لدى الجماعات الجهادية في محافظتي البيضاء وحضرموت.

وفي تطور جديد ومقلق وثقت “مواطنة” حالات استخدام فتيات صغيرات من قبل أنصار الله (الحوثيين) بغرض المشاركة في عمليات تفتيش المنازل التي تتم مداهمتها، وكذلك تنظيم فعاليات التعبئة والتحشيد.

تستمر جميع أطراف النزاع في اليمن في تجنيد الأطفال دون سن 18 عاماً، وتستخدمهم لأغراض قتالية أو أمنيّة، كالخدمة في نقاط التفتيش، أو الدعم اللوجستي المرتبط بعمليات عسكرية. وتستفيد من استمرار الوضع الإنساني والاقتصادي المتردي في البلاد، ومن تسرب الطلاب من المدارس، في التجنيد والتعبئة العسكرية.

وبلغت ظاهرة تجنيد الأطفال اليمنيين أرقاماً مخيفة. وعلى الرغم من منح المنظومة القانونية الدولية الحماية للأطفال في أثناء النزاعات المسلحة، فإن أطفال اليمن يواجهون خطراً دائماً بسبب استمرار أطراف النزاع في تجنيدهم في بيئة الإفلات التام من العقاب ليصيروا عرضة للقتل، أو التشويه، أو الاعتداء الجنسي، وغيرها من الانتهاكات، بما يظهر اللامبالاة التامة لجميع أطراف النزاع في اتخاذ أي إجراءات تجنب الفئات الأكثر ضعفاً تبعات الحرب.

الإطار القانوني

يحظر القانون الدولي الإنساني تجنيد أو استخدام الأطفال من قبل الجماعات المسلحة أو القوات المسلحة. وتجنيد الأطفال دون سن الخامسة عشرة -إما عن طريق تجنيدهم أو بالسماح لهم بالتطوع في أي جماعة مسلحة أو في القوات المسلحة أو باستخدامهم للمشاركة في العمليات القتالية- يُعد جريمة حرب[1].

يمكن اعتبار القادة الذين كانوا على علم -أو كان ينبغي عليهم أن يكونوا على علم- ولم يتخذوا أي إجراء فعال، مسؤولين جنائياً من منطلق مسؤولية القيادة. يحدد البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية حقوق الطفل بشأن إشراك الأطفال في النزاعات المسلحة -والذي تعد اليمن طرفاً فيه- سن 18 عاماً كحد أدنى لإشراك الأفراد في النزاعات المسلحة من قبل القوات المسلحة أو الجماعات المسلحة[2].

كما تحظر المادة 45 من قانون حقوق الطفل اليمني لعام 2000 استخدام الأطفال في النزاعات المسحلة، وتدعو إلى إنهاء تجنيد أي شخص دون سن 18 عاماً.

بعض الأمثلة على الوقائع:

  • في مساء أحد أيام شهر سبتمبر/ أيلول 2018، أنشأ أنصار الله (الحوثيون) مخيماً لتدريب المجندين الأطفال، في ساحة مدينة حورة، محافظة حجة. شُوهد في ساحة التدريب ما لا يقل عن 16 طفلاً جميعهم دون سن السابعة عشرة.
  • قال أحد الأطفال لـ “مواطنة”، وهو مجند في اللواء الثالث عمالقة الموالي للتحالف في جبهة الساحل الغربي، إنه ورفاقه توكل إليهم مهام توزيع التموين الغذائي للجنود في المواقع. وشدّد الطفل على ضرورة عدم كشف اسمه: “إن علمت القيادة أنني أعطيتكم هذه المعلومات فسيودعونني السجن، هذا مصدر رزقي ولا حول لي ولا قوة[3]“.
  • وقد أصيب طفلان جندتهما قوات موالية للرئيس هادي في محافظة الجوف، بشظايا قذيفة هاون عند مشاركتهما في الأعمال القتالية في الصفوف الأمامية بمديرية المتون. وفارق أحدهما الحياة متأثراً بجراحه.
  • وخلال أوقات متفرقة من شهري سبتمبر/ أيلول ونوفمبر/تشرين الثاني من عام 2018، شوهد استخدام ما لا يقل عن 20 طفلاً جندهم أنصار الله (الحوثيون)، لتأمين الفعاليات الجماهيرية التي تدعو إليها الجماعة.

[1] نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، الذي اعتمد في روما، وتمت صياغته في 17 يوليو/ تموز 1998، المادة 8، الفقرة 26.

[2] اللجنة الدولية للصليب الأحمر، الأطفال المحميين بموجب القانون  الدولي الإنساني، تم نشره في 29 أكتوبر/ تشرين الأول 2010، متاح على:

https://www.icrc.org/en/doc/war-and-law/protected-persons/children/overview-protected-children.htm.

[3] مقابلة مواطنة لحقوق الإنسان مع طفل مجند، تاريخ 29 أغسطس/ آب 2018.