على المجتمع الدوليّ وضع آلية للمساءلة
16 يناير/ كانون الأول 2023
عقدت مواطنة لحقوق الإنسان، الإثنين 16 يناير/ كانون الأول، عبر تطبيق الزوم، أول جلسات منتدى التواصل الحقوقي، والذي تمّ فيها نقاشٌ عام حول مجال حقوق الإنسان؛ الواقع، التحديات والصعوبات، الإنجازات والتطلعات.
وتحدّث في اللقاء: رضية المتوكل- رئيسة مواطنة لحقوق الإنسان، ورينو ديتال- ممثّل المفوض السامي لحقوق الإنسان في اليمن، وسارة عدنان- باحثة اليمن والعراق في مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، وأمة السلام الحاج- رئيسة رابطة أمهات المختطفين.
وقدّم اللقاء علي جميل، مدير وحدة المساءلة في “مواطنة”، والذي ابتدأ اللقاء بشرح فكرة عن المنتدى، والهدف منه، ثم تحدّثت رضية المتوكل، عن واقع حقوق الإنسان من زاويتها كرئيسة لإحدى المنظمات الحقوقية المحلية.
وقالت المتوكل إنّ واقع حقوق الإنسان في اليمن هو واقع الحرب. وأضافت: “اليمن تخوض حربًا من ثماني سنوات. وهو في حالة شبه انهيار كامل للدولة، وسيطرة جماعات مسلحة مختلفة، من صعدة إلى سقطرى.
ترتكب جميع أطراف النزاع انتهاكات بحق المدنيين، سواء كانت جماعة “أنصارالله” المسلحة أو التحالف بقيادة السعودية والإمارات أو المجلس الانتقالي الجنوبي أو قوات الحكومة اليمنية والجماعات التابعة لها أو القوات المشتركة المدعومة إماراتيًّا”.
وتابعت: “اليمن تحوّلت مع الحرب إلى أسوأ أزمة إنسانية وحقوقية في العالم، وكان يمكن تجنّب ذلك، حتى في ظلّ الحرب، لو كانت أطراف النزاع احترمت القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، ولو كان المجتمع الدولي أرسل رسالة واضحة بأنّ هناك مساءلة”.
وأوضحت المتوكل أنّ “الحرب لها أبعاد محلية وإقليمية ودولية. وأنّ المدنيين لا يعانون فقط من الانتهاكات المباشرة لأطراف النزاع، لكن يعانون أيضًا من التجويع الذي تستخدمه الأطراف المختلفة كسلاح حرب، بالإضافة إلى الوضع الاقتصادي والإنساني المنهار والمتهالك، يومًا بعد يوم”.
من جهته، قال رينو ديتال، مدير مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان في اليمن: “إنّ إطلاق منتدى التواصل الحقوقي، طريقة جيدة لبَدءِ العام والإحاطة بالوضع، بعد ثماني سنوات من الحرب في اليمن”.
وأوضح رينو: “الوضع في اليمن سلبيّ وكارثيّ كما نعرف جميعًا. وإزاء هذا الوضع، النزاع يستمر، والأزمة قائمة، وفي تقارير مواطنة والأمم المتحدة، نخلص إلى أنّ التراجع في الانتهاكات لم يحدث على أكثر من مستوى”.
وأضاف رينو: “في السنوات الأخيرة، عملت في أكثر من منطقة نزاع، من أفغانستان، مرورًا بليبيا، فسوريا ولبنان، حيث شهدت على تداعيات غياب المساءلة، فضلًا عن أماكن أخرى. ولا يوجد نزاع يتم فيه احترام حقوق الإنسان، ما أن تبدأ النزاعات، تبدأ الانتهاكات وتتعقّد الأمور، ويسقط الضحايا”.
إلى ذلك، قالت أمة السلام الحاج، رئيسة رابطة أمّهات المختطفين، إنّ “واقع حقوق الإنسان في اليمن، يمرّ بمنعطف خطير جدًّا، لكثرة المتصارعين إقليميًّا ودوليًّا، ولذلك يصعب العمل في هذا المجال”.
ودعت الحاج إلى “التكاتف والعمل بشفافية، بحيث نخرج بعمل لإنصاف الضحايا الذين تنتهك حقوقهم من شتى أنواع الجهات. الواقع اليوم مؤثر على الحيوان والإنسان والطبيعة والديموغرافيا”.
وفي الإطار ذاته، تحدّثت سارة عدنان، باحثة اليمن والعراق في مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، عن أن منظمات المجتمع المدني بحاجةٍ لنقاش ثريّ وتبادل الأفكار.
وذكرت عدنان تحدّيًا يواجه الأزمة اليمنية؛ وهو “تشكيل سردية للمساءلة، لتسليط الضوء على اليمن من هذا الاتجاه”.
وقالت سارة إنّ “العالم يعيش حالة من التشتت والأزمات المختلفة، من أوكرانيا وأفغانستان وتغراي وإثيوبيا وإيران وسوريا وجنوب السودان وليبيا، ما يشتّت توزيع الموارد، ويجعل أولويات اليمن ترتكز على الأوضاع الإنسانية”.
وأضافت: “على الرغم من أهمية وجود المنظمات الإنسانية للطوارئ، فإنّ منظمات حقوق الإنسان قَلَّ تمويلُها. وأنَّ توجه المجتمع المدني على حسب توجهات المانحين، هي إشكالية ليست في اليمن فقط، وإنّما في مناطق الصراع بشكل عام”، وتطرّقت سارة إلى عدم وجود آلية لمناقشة وضع اليمن في مجلس حقوق الإنسان حاليًّا.
وتحدّثت سارة عن تحدٍّ ثانٍ، وهو “التركيز على الحقوق الاقتصادية والسياسية والاجتماعية فقط. نحن نركز فقط على الانتهاكات الظاهرة للقانون الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وهذا شيء مهمّ، لكن يجب أن نركّز على تبعات هذه الانتهاكات على الأسرة والمجتمع. نحن نتحدّث عن شعب كامل تعرّض للإيذاء الاجتماعي والاقتصادي المباشر وغير المباشر”.
وبالعودة إلى رضية المتوكل، اعتبرت أنّ التحديات التي تواجهها منظمات المجتمع المدني، هو أنّه “لم يكن هناك عمل حقوقيّ ميدانيّ محترف، يرصد الانتهاكات بالمعايير الدولية، ويرفع أصوات الضحايا بحيث يسمعها العالم”.
وأضافت رضية المتوكل أنّ العمل في “مواطنة”، بدأ من الصفر، وقالت:
“نحن نعرف أنّ أهم خطوة يجب أن تبدأ بها في أيّ منطقة نزاع أو حتى في الوضع الطبيعي، هو مسألة رصد الانتهاكات؛ أيّ المعلومة، والمعلومة قوة. ومن خلالها تستطيع أن تقوم بالمناصرة والمساءلة، وأن ترفع أصوات الضحايا وتعمل على حماية المدنيين. وذلك يتطلب التواجد في كل مناطق اليمن، والالتزام بالمعايير المهنية الدولية، ولم يكن لنا سهلًا كمنظمة محلية أن نبدأ هذا المشوار، لأنّ في كل مرة بدأنا فيها العمل، بدأناه من الصفر”.
وتحدّثت رضية، عن أنّ “المجتمع الدولي لم يكن متعوّدًا على أن تقوم منظمة محلية بالرصد والتوثيق بالمعايير الدولية، فاحتجنا وقتًا لإقناع المانح بذلك، كذلك فإنّ المنح التي تعطى لمنظمات حقوق الإنسان، أقلّ كثيرًا من تلك التي تُعطَى لبقية المجالات مثل المجال الإنساني والتنمية، بينما يتم النظر إلى حقوق الإنسان بأنّه الاستثناء”.
وقالت رضية:
“أن تقوم بالعمل الحقوقي في وضع حرب وسيطرة أطراف مسلحة، هو تحدٍّ آخر. فريقُنا تعرّض لاعتقالات من جميع أطراف النزاع. أكثر الاعتقالات لفريقنا حدثت في المناطق التي تسيطر عليها جماعة “أنصارالله”، لكن أيضًا وقعت اعتقالات في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة المعترَف بها دوليًّا وبقية الجماعات”.
وبالإضافة إلى ذلك، قالت رضية إنّ “المنظمات تواجه صعوبة في الحصول على التصاريح، سواء في صنعاء أو في عدن، بالإضافة إلى حملات تشويه سمعة تواجهها “مواطنة”، ومعلومات مغلوطة”، مختتمةً حديثها بالقول: “بالرغم من هذا كله، هناك مساحة للعمل في اليمن. من أراد أن يعمل بجدية وباستقلالية ومهنية لن يكون الأمر سهلًا، ولكنه سيستطيع أن يغرس وجوده ويمضي”.
وفي موضوع واقع حقوق الإنسان في اليمن، قال مدير مكتب المفوضية السامية، رينو إنّ “مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان في اليمن، فتح في العام 2012، وكان على السلطات أن تواكب ما توقعناه، وهي مرحلة انتقالية ديمقراطية بعد ما حصل في العام 2011، ورحيل الرئيس السابق”.
ونوّه إلى أنّه، وبمبادرة منه، “قام مكتب المفوضية في السادس من يناير في العام 2012، بإدانة قرار مجلس التعاون الخليجي بإعطاء الحصانة للرئيس السابق علي عبدالله صالح، ولكل من خدمة تحت مظلته منذ توليه منصبه في العام 78″، مضيفًا أنّ: “السبيل لإحلال السلام لا يكون من خلال تكريس ثقافة الإفلات من العقاب”.
وأوضح رينو، المهام التي أنيطت بعمل المفوضية في بداية عملها وحاليًّا، بقوله: “في الواقع، بعد مؤتمر الحوار الوطني، مكتبنا، أسوة بمكاتب أخرى، سعى إلى توثيق الضحايا والانتهاكات في فترة النزاع في العام 2012، وفي العام 2014، وما حدث بعد ذلك على يد التحالف”.
وأردف قائلًا: “مكتبنا كان في الأساس صغيرًا، ولم يكن مصمَّمًا ومجهَّزًا بالموارد البشرية وبالمختصين بتوثيق الانتهاكات وتوثيق الضحايا ومختلف الانتهاكات الحاصلة في النزاع؛ لهذا لزم منّا الأمر بعضَ الوقت للإحاطة بذلك. ثم تم نتيجة الضغط الدولي، إنشاء لجنة فريق الخبراء البارزين”.
وعن الولاية الجديدة للمفوضية، يقول رينو:
“بحلول العام 2021، بدأت بالعمل وكنتُ ملِمًّا بالوضع في اليمن، لأنّي كنتُ أعمل فيه في التسعينيات، وتم إنهاء عمل لجنة فريق الخبراء البارزين، وقد تم إدانة ذلك من قبل أطراف كثيرة، وكان من الواضح بالنسبة لي كممثل لمكتب المفوض السامي، أنّه لا بُدّ من البَدء برفع التقارير؛ لأنّه لم يكن هناك بديل عن ذلك”.
وأشار رينو إلى أنّ “مكتب المفوضية سيُصدِر أولَ تقرير في غضون بضعة أسابيع عن العام 2022.
وتابع بالقول: “نحن نغذّي قاعدة بيانات يستخدمها الآخرون كما تعرفون، مجلس حقوق الإنسان ولجنة الخبراء البارزين استعانت بهذه البيانات، إلى جانب ذلك نقوم بتحليلات وأنشطة مناصرة، لكن هذا لا يمنع قيام أيّ آلية دولية، بل نحن سندعم وسنساند تلك الآلية، على أن يكون الكيانان منفصلين”.
وعن الصعوبات التي يعاني منها عمل المفوضية، قال رينو:
“هناك تشرذم في البلاد، وأنا أتكلم من عدن لأنّي عاجز عن الانتقال إلى صنعاء، حيث تم إنشاء مكتبنا، وحيث موظفونا يعملون، فقد حُجبت عنّا الفيزة منذ سنتين من قبل السلطات في صنعاء، في العام الفائت”.
ومن جهة أخرى، قال رينو: “قمت برحلتي الأولى إلى المملكة العربية السعودية لإطلاق الحوار مع التحالف، لكنّي أطالب بزيارة أخرى، وأتمنّى أن أحصل على موافقة. اجتماع يتيم مع المتحدثين في الرياض ليس كافيًا، وأتمنّى السفر إلى أبو ظبي وأن أزور أماكن أخرى، حيث يجب إسماع صوتنا، وأن نتمكن من المناصرة والمطالبة بتفسيرات حول مواصلة سقوط الكثير من المدنيين نتيجة النزاع، وأرجو أن يتم التواصل إلى اتفاقية سلام، على أن يتم التفاوض بشأنها بشكل شفّاف، بمشاركة المجتمع المدني، وهذا ما نتطلّع إليه”.
وعن المخاطر الأخرى، أوضح رينو:
“مثلًا، خلال الانتقال من عدن إلى المخا، وهي مسافة ليست بالبعيدة، هناك الكثير من الاعتداءات والاختطاف واعتراض السيارات، وفي تعز وعدن، وهناك العديد من الطرق الحيوية المغلقة، ولا يمكن أن تصل إلى أبين، وهناك الكثير من موظفي الأمم المتحدة محتجزين حتى الساعة، وهناك أحد الزملاء من مكتب الأمم المتحدة لا يزال محتجزًا تعسفيًّا في صنعاء. كل هذه العناصر تُلقي بضغوط على زملائي وزميلاتي”.
أمّا رابطة أمهات المختطفين، فقالت رئيستها، أمة السلام الحاج، أنّ من ضمن التحديات التي يواجهها عملُهم:
“أنا وكثير من عضوات الرابطة، لا نستطيع أن ندخل صنعاء؛ نتيجة الملاحقات. كذلك تزييف قضية الانتهاكات، إذ يتم تحويلها سياسيًّا، فإذا تحدّث أحد الأشخاص عن الانتهاكات، يُنسب إلى حزب أو جهة سياسية”.
كما اعتبرت أمة السلام أنّ “تصنيف العاملين في مجال حقوق الإنسان واتهامهم وتصنيفهم لجهات معينة، هو واحد من التحديات التي تواجه عملهم”.
وتحدّثت أمة السلام عن ملاحقة الجهات الأمنية لهن، وقالت: “كانت في البداية “جماعة الحوثي”، والآن تطورت إلى الانتقالي والشرعية، وغيرهم”، كما تطرّقت إلى صعوبة عدم وجود دعم كافٍ للعمل الحقوقي، وأيضًا صعوبة الحصول على تأشيرات سفر لمناصرة قضايا حقوق الإنسان، إضافة إلى مشاكل إحجام الضحايا وأُسَرهم في التبليغ عن الانتهاكات، واليأس لديهم من عمل منظمات المجتمع المدني”.
وتطرّقت أمة السلام إلى صعوبة “حماية الشهود والمبلغين في قضايا حقوق الإنسان، وأيضًا صعوبة الوصول إلى المقررين الخواص في مجلس حقوق الإنسان، وكذلك ندرة الخبراء المدرّبين في مجال حقوق الإنسان، وصعوبة دفع تكلفة العمل معهم إن وُجدوا”.
واختتمت أمة السلام، المعيقات التي يواجهونها بـ”صعوبة الحصول على التراخيص وتجديدها”، محذرة من أن يتم عقد اتفاقية سلام دون النظر في حقوق الناس.
أمّا على سبيل الإنجازات والتطلعات، في عمل منظمات المجتمع المدني، فتقول رضية المتوكل:
“من الصعب الحديث عن إنجازات في وضعٍ عامّ معقّد، ما زال المدنيّون يواجهون فيه أسوأ أنواع الانتهاكات من جميع أطراف النزاع، في ظلّ غياب المساءلة”.
لكن المتوكل تعود للقول:
“مواطنة ساهمت في بناء ذاكرة حقوقية في الحرب، تعلمنا من تجربتنا أنّه حتى لو مات ألف شخص إذا لم يكن هناك رصد مهني دقيق لهذه الحادثة فسيتعامل العالم، الآن، وفي المستقبل، وكأنّ شيئًا لم يكن. فالتوثيق له بُعدان، بُعد مناصرة آنية لكف الضرر وحماية المدنيين، وله بُعدٌ آخر للمساءلة والإنصاف في المستقبل.
هذه الحرب أكبر من قدرة مواطنة والمنظمات المحلية لوحدها، لكنّها مع ذلك ساهمت في بناء ذاكرة حقوقية ورفع أصوات الضحايا وإزعاج العالم بأصواتهم في حرب أريد لها أن تكون منسية”.
وأضافت المتوكل:
“ساهمت منظمات المجتمع المدني في ألّا تكون حرب اليمن منسية. أيضًا نحن في مواطنة في وحدة الدعم القانوني، التي تضمّ محامِين ومحاميات يعملون في أغلب المحافظات اليمنية، نستطيع أن نتحدث عن إنجاز مباشر حين نساهم في الإفراج عن محتجزين أو إيصال مختفين قسريًّا بأهاليهم.
حجم المأساة ما يزال أكبر بكثير من حجم الإنجاز. عمل المنظمات قوبل دوليًّا بعالم صُمّم ليعزز الحصانة أكثر من المساءلة، لكن أنا أؤمن بأنّ المجتمع المدني استطاع أن يدقّ ناقوس المساءلة”.
وفي إطار أسئلة جمهور الندوة، أجاب ممثّل المفوض السامي، عن دور الأمم المتحدة في دعم آلية للمساءلة في اليمن، إذ قال:
“نحن بصدد إصدار تقرير، وسيكون أول تقريرٍ صادر عن مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان في اليمن منذ العام 2017، ولا نوثّق في التقرير فقط ما وجدناه بأمّ العين عن العام 2022 لجهة الضحايا المدنيين، بل سنغطي الرابط بين النزاعات وَفقًا للقانون الإنساني الدولي، ولا يقوم التقرير فقط بإحصاء الجثث، بل ينظر أبعد من ذلك؛ إلى غياب المساءلة، وكيفية الوصول لوضع حدٍّ لهذا النزاع.
إلى جانب ذلك، قمنا مؤخرًا مع بعض الدول الأعضاء، بالعمل على فريق عمل للعدالة الانتقالية، عقد اجتماعه الأول في ديسمبر في عمّان. بالنسبة إلى اليوم العالمي لحقوق الإنسان في العاشر من ديسمبر 2022، نظمنا مؤتمرًا حول العدالة وسيادة القانون لحماية حقوق الإنسان. يمكن بذل المزيد لجهة إعادة سيادة القانون وهي غائبة عن اليمن؛ ممّا يسمح بحدوث الكثير من الانتهاكات. لا يبنى السلام بثقافة الإفلات من العقاب”.
أمّا عن خطة العمل للعام 2023، فتقول رضية المتوكل إنّ من “ضمن أولويات المناصرة والمساءلة لدينا في مواطنة، والتي نعمل عليها أساسًا من 2017، أن يكون هناك آلية دولية مستقلة ليس فقط لرصد الانتهاكات، ولكن أيضًا آلية جنائية تحفظ الأدلة وتبني الملفات، كما هي موجودة في سوريا وميانمار وأوكرانيا.
اليمن ليست أقل وجعًا من الدول التي حصلت على هذه الآلية، إنّ وجود هذه الآلية ليس ترفًا، إنهاء ولاية لجنة الخبراء أعطت ضوءًا أخضرَ لأطراف النزاع، وإلى حدّ الآن لم تُستبدل هذه الآلية بآلية أخرى”.
أمّا مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، فتقول سارة إنّ “أحد أولويات المناصرة بالنسبة لنا، كما رأيت في بيانات واجتماعات مع الدول المسؤولة في مجلس حقوق الإنسان، أن نحاول الضغط على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ووكالاتها وهيئاتها وخبرائها، بأن يكون هناك تدخلٌ عاجل، وكذلك تكون هناك هيئة دولية ذات طابع جنائي لجمع الأدلة وحفظها وتحليلها وإعداد ملفات خاصة لمرحلة ما بعد النزاع، وخاصة في انتهاكات الجرائم الجسيمة”.
وحول سؤال عن وجود سبيل لإحقاق العدالة ومنع تكرار الإفلات من العقاب، يقول رينو:
“أنا دائمًا أصِرّ وأذكّر الجميع بأنّ الأسرة الدولية مسؤولة عن إفلات الرئيس السابق (صالح) من العقاب، وأتمنّى ألّا يتكرر ذلك. وفي إطار هذا النزاع لاحظنا ذلك، وإذا تحدّثنا عن الإنجازات فهو بروز وصعود مجتمع مدني مكرس ومترسخ، ولم أرَ مثيلًا لمواطنة أو مثيلًا لرابطة أمهات المختطفين أو مثيلًا للباحثين والباحثات في اليمن، الذين يوثّقون الأدلة ويبنون الملفات”.
أمّا عن دور رابطة أمهات المختطفين، ومساهمتها في العمل الحقوقي، تقول أمة السلام الحاج:
“نتيجة العمل الذي قمنا به، خلال هذه السنوات. استطعنا أن نساهم في الإفراج عن أكثر من 950 محتجزًا ومعتقلًا وإظهار مخفيّين قسرًا، ووصلنا إلى كثيرٍ من الضحايا وتوثيق حالاتهم، وتدرّبنا من تحت الصفر، وعملنا واجتهدنا، والحمد لله وصلنا إلى مصاف المنظمات الحقوقية. وصّلنا قضيتنا إلى جميع المحافل الدولية. وأدعو الجميع إلى التكاتف كمنظمات حقوق الإنسان، ونعمل على إيجاد آلية لحفظ الذاكرة ومساءلة منتهكي حقوق الإنسان”.