ناشط حقوقي يقول إن هذه الخطوة تشبه مطالبة فلاديمير بوتين بالتحقيق في جرائم الحرب الروسية في أوكرانيا
ضابط شرطة في صنعاء، اليمن. تأتي الخطوة الأمريكية بعد أشهر من قيام جماعات الضغط السعودية بإلغاء تحقيق مستقل للأمم المتحدة في جرائم حرب محتملة.
تصوير: يحيى أرحب / الوكالة الأوربية للصور الصحفية (EPA)
نشرت بتاريخ 12 يوليو/ تموز 2022 في الجاريان
كشفت إدارة بايدن، بعد أشهر من قيام حملة ضغط سعودية بإلغاء تحقيق مستقل للأمم المتحدة في جرائم حرب محتملة، بأنها تدرس خطة إنشاء لجنة دولية جديدة لتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن والإبلاغ عنها.
يأتي هذا الكشف عشية جولة جو بايدن إلى الشرق الأوسط والتي ستشمل زيارة إلى إسرائيل و – بشكل مثير للجدل – المملكة العربية السعودية، حيث قال الرئيس الأمريكي إن هدفه هو تعزيز “الشراكة الاستراتيجية” مع أيضاً “التمسك بالقيم الأمريكية الأساسية”.
وقال عبد الرشيد الفقيه، وهو حقوقي يمني بارز يزور الولايات المتحدة، في مقابلة أجرتها معه صحيفة الغارديان الأمريكية إنه ناقش خطة واشنطن لإنشاء “آلية دولية” جديدة للتحقيق في جرائم الحرب في اجتماع عقد مؤخرا في وزارة الخارجية الأمريكية.
ووصف الفقيه خطة إدارة بايدن المقترحة “لاستبدال” هيئة الأمم المتحدة المستقلة التي كانت تحقق في جرائم حرب محتملة بأنها خطة معيبة للغاية. وقال إن وزارة الخارجية تدرس ضم ممثلين عن قيادة المجلس الرئاسي اليمني، الذي تربطه علاقات وثيقة بالرياض، “كشريك” في الآلية الدولية الجديدة.
وقال: “إنهم يعملون على آلية سيئة للغاية يمكن أن تحل محل [هيئة الأمم المتحدة]”. “أولاً ولايتها ضعيفة، وهي نقطة البداية، وثانيا، أنها ليست مستقلة على الإطلاق”.
وقال الفقيه إنه إذا تابعت الإدارة الأمريكية المضي قدماً بهذا المقترح فسيكون ذلك أقرب إلى مطالبة فلاديمير بوتين بالتحقيق في جرائم الحرب الروسية في أوكرانيا.
وقال شخصان آخران مطلعان على المناقشات الأولية بشأن هذا المقترح، طلبا عدم الكشف عن اسميهما نظراً لحساسية القضية، إنهما على دراية أيضاً بالجهود التي تبذلها الإدارة الأمريكية للتواصل مع المنظمات غير الحكومية لمناقشة الخطط ذات الصلة.
الفقيه هو المؤسس المشارك والمدير التنفيذي لمنظمة مواطنة لحقوق الإنسان، وهي منظمة تُعنى برصد وتوثيق جرائم الحرب والاعتقالات التعسفية والاختفاء القسري والقيود المفروضة على الصحافة. فقد جمع الباحثون الميدانيون التابعون للمنظمة أدلة مستفيضة على حملات القصف السعودية السابقة في اليمن، وساهموا في إعداد تقرير مكون من 288 صفحة أصدرته شبكة الإجراءات القانونية العالمية (GLAN) في عام 2019، والذي وجد أن الهجمات السعودية تبدو وكأنها تنتهك القانون الإنساني الدولي من خلال “استهداف المدنيين والبنية التحتية المدنية”.
ورفض متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية الإجابة على أسئلة محددة حول المخاوف التي تطرق إليه الفقيه. وقال المتحدث في أحد تصريحاته إنه “أصيب بخيبة أمل كبيرة” من “إنهاء” ولاية فريق الخبراء البارزين التابع للأمم المتحدة (UNGEE) في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة المنعقد في جنيف أكتوبر / تشرين الأول الماضي.
إعلان
توقف عمل فريق الخبراء البارزين – وهو فريق مكون من ثلاثة خبراء مستقلين عينهم مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في عام 2017 للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في حرب اليمن – فجأة في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بعد أن صوت أعضاء مجلس حقوق الإنسان على إنهاء التحقيق عقِب حملة شنتها المملكة العربية السعودية لإنهاء ولايته.
لم تكن الولايات المتحدة عضوا في مجلس حقوق الإنسان المنعقد عام 2021، عندما خسر فريق الخبراء البارزين ولايته في عملية تصويت متقاربة النتائج، لكن الولايات المتحدة حاليا عضو في المجلس.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية: “ما زلنا ملتزمين بالعمل مع شركائنا، بما في ذلك الحكومات والمجتمع المدني، لإنشاء آلية دولية جديدة لتوثيق انتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان في اليمن والإبلاغ عنها”.
وأضاف المتحدث أن الهدنة الحالية في اليمن خلقت “أفضل فرصة للسلام منذ سنوات”. وقال المتحدث: “إن العدالة والمساءلة والإنصاف عن انتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان ضرورية من أجل تحقيق سلام دائم في اليمن، ولطالما دعمت الولايات المتحدة المجتمع المدني اليمني لتحقيق هذه الغايات”.
وقال الفقيه إنه تطرق أيضا في اجتماع عقد مؤخرا مع وزارة الخارجية إلى ما وصفه بـ “المعايير المزدوجة” التي تحركت فيها الولايات المتحدة بسرعة “لتوثيق والتحقيق” في جرائم الحرب التي ارتكبتها روسيا، بينما تركت اليمن في مهب الريح.
وقال: “لقد رأينا جميعا مدى سرعة رد فعل المجتمع الدولي في أوكرانيا، بينما لا نزال ننتظر ردة فعله في اليمن منذ ثماني سنوات”. وأضاف أن اقتراح وزارة الخارجية حتى الآن كان بمثابة “صفعة على وجه” الضحايا المدنيين للحرب.
وقال مسؤول كبير في منظمة حقوقية مقرها جنيف إن المناقشات حول كيفية استبدال فريق الخبراء البارزين كانت “محتدمة” لفترة من الوقت، وإن هناك فرصة لإثارة هذه القضية أمام مجلس حقوق الإنسان في سبتمبر / أيلول. ففي حين أنهم قالوا إنهم يعتقدون أن المناقشات حتى الآن تمثل مجهود حسن النية للتحرك، كانت هناك أيضا مخاوف من إنشاء آلية جديدة قد تكون “أكثر احتراماً لرغبات السعوديين”.
وقال هذا المسؤول إنه على الرغم من أنها لم تكن بالضرورة مبادرة يقودها أمريكيون، إلا أن الولايات المتحدة “دخلت في نفق مظلم” عندما خسر فريق الخبراء البارزين في تصويت العام الماضي ولايةً لمواصلة تحقيقاته.
كما قال المسؤول إن مخاوف الفقيه بشأن النهج الأمريكي “تبدو مشروعة”. وأضافوا: “رأينا أطراف النزاع ليس لديهم مصلحة في التحقيق مع أنفسهم”.
وقد خضع سجل إدارة بايدن الخاص بالتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن للتدقيق، حيث قالت هيئة رقابية في الكونجرس في تقرير صدر الشهر الماضي إن الحكومة الأمريكية لم تحقق بشكل كامل في دورها في إدامة انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن. كما أثارت شكوكًا جدية حول التزام بايدن بإنهاء الدعم الأمريكي للعمليات الهجومية السعودية في اليمن.