الفصل الحادي عشر: منع وصول المساعدات الإنسانية

وثقت “مواطنة” خلال عام 2018، ما لا يقل عن 74 واقعة منع وصول مساعدات إنسانية؛ 62 واقعة تتحمل جماعة أنصار الله المسلحة (الحوثيون) مسؤوليتها في محافظات المحويت، صعدة، الحديدة، ذمار، إب، الجوف، ريمة.

فيما تحملت “المقاومة الشعبية” والقوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي المسؤولية عن 6 وقائع تركزت في محافظتي صعدة وحجة. بينما تقع المسؤولية على التحالف بقيادة السعودية والإمارات في 6 وقائع حدثت في محافظتي صعدة وشبوة.

إن حظر أو عرقلة المساعدات الإنسانية أو السلع الأساسية المنقذة للحياة في اليمن له تأثير حاد بشكل خاص، بالنظر إلى ملايين السكان المدنيين المهددين بالمجاعة أصلاً، حتى قبل النزاع، إذ تصنف اليمن كواحدة من أشد البلدان فقراً في منطقة الشرق الأوسط. في فبراير/ شباط 2019، كان هناك ما يربو على 24 مليون شخص يحتاجون إلى شكل من أشكال المعونات الإنسانية، من مجموع سكان البلد البالغ عددهم 29.9 مليون نسمة. ويحتاج 11.3 مليون شخص منهم حاجة ملحّة إلى المساعدات الإنسانية العاجلة لإنقاذ حياتهم وتوفير سبل معيشتهم للبقاء على قيد الحياة.[1]

الإطار القانوني

يُلزم القانون الدولي الإنساني أطراف النزاع السماح بالمرور السريع للمساعدات الإنسانية للمدنيين المحتاجين وعدم التدخل فيها بشكل تعسفي، وضمان حرية حركة العاملين في المجال الإنساني، والتي لا يمكن تقييدها إلا مؤقتاً لأسباب تتعلق بضرورة عسكرية ملحة.

يحظر القانون الدولي الإنساني الهجمات على الأهداف التي لا غنى عنها للسكان المدنيين، مثل مخازن الأغذية ومنشآت مياه الشرب، ويحظر استخدام التجويع كأسلوب من أساليب الحرب.

واستخدام تجويع المدنيين عمداً كوسيلة من وسائل الحرب من خلال حرمانهم من أشياء التي لا غنى عنها لبقائهم أو من خلال عرقلة المساعدات الإنسانية يُعد جريمة حرب.

في عام 2018، تبنى مجلس الأمن الدولي قراراً يعالج خطر المجاعة التي تواجه السكان في مناطق النزاعات المسلحة، مؤكداً على الحاجة الماسّة لكسر الحلقة المفرغة بين النزاع المسلح وانعدام الأمن الغذائي، مشيراً إلى الدور المهم الذي يمكن أن تؤديه إمدادات الإغاثة في تخفيف آثار النزاع.

وفي نفس العام، أعاد قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2451، الذي ركز بشكل خاص على اليمن، التأكيد على الحاجة إلى “تدفق الإمدادات التجارية والإنسانية وتنقل العاملين في المجال الإنساني إلى داخل البلد وفي جميع أنحائه دون عراقيل”. دعا مجلس الأمن “حكومة اليمن والحوثيين إلى إزالة العقبات البيروقراطية التي تحول دون تدفق الإمدادات التجارية والإنسانية، بما في ذلك الوقود”[2].

بعض الأمثلة على الوقائع

  • في يوم الأربعاء 21 فبراير/ شباط 2018، قرابة الساعة 5:00 عصراً، أغارت طائرات التحالف على شاحنة تابعة لإحدى المنظمات الإغاثية في منطقة العقلة، مديرية الصفراء، محافظة صعدة.

            وكانت الشاحنة تحمل ما لا يقل عن 400 كيس من القمح مخصصة لمستفيدين من أبناء المحافظة.  أدت الهجمة إلى إتلاف الشاحنة وحمولتها بشكل كامل.[3]

  • وفي يوم الإثنين 5 مارس/ آذار 2018، أوقف أنصار الله (الحوثيون) في محافظة صعدة تنفيذ مشروع المعونات النقدية المخصص لـ 3000 أسرة من النازحين، الذي تقدمه إحدى المنظمات المحلية،

   وقد تم إيقاف المشروع بحجة أن مشاريع الهبات النقدية تسبب مشاكل في المجتمع.[4]

  • وفي يوم السبت الموافق 14 يوليو/ تموز 2018، قرابة الساعة 11:00 ليلاً، منع أنصار الله (الحوثيون) ثلاث شاحنات تحمل مساعدات إغاثية من العبور من نقطة تفتيش في منطقة سوق الاثنين بمديرية المتون، وهي في طريقها إلى مديرية الحزم، مركز محافظة الجوف. وكانت الشاحنات تحمل مواد غذائية لـ 3000 أسرة من المتضررين من الحرب.[5]
  • في يوم الإثنين 23 يوليو/ تموز 2018 قرابة الساعة 11 ليلاً، استهدف طيران التحالف بأربع قنابل مشروع مياه وادي نشور – الصفراء، في منطقة العصائد، مديرية كتاف والبقع بمحافظة صعدة.

ويتكون المشروع من بئرَي ماء، وخزان، وشبكة طاقة شمسية، ومشروع أنابيب ضخ. تستفيد من هذا المشروع ما يقارب 20 قرية في عزلة وادي النشور، وآل صلاح، ومنطقة آل شافعة. ويعدّ المشروع ذا أهمية عالية بسبب شحة المياه في المناطق المستهدفة، وقلة المياه الصالحة للشرب.[6] دمّرت الغارات غرفة المشروع والبئر كلياً، كما دمرت بعض ألواح منظومة الطاقة الشمسية، وبعض الأنابيب.

  • في يوم الإثنين 25 سبتمبر/ أيلول 2018 قرابة الساعة 10:20 صباحاً، في حي المعلمين، مديرية القاهرة، محافظة تعز، اعتدى أفراد اللواء 22 ميكا اعتداء مسلحاً على فريق إحدى منظمات الدولية.

   تم الاعتداء عند توزيع الفريق المساعدات الإنسانية للمستحقين، ما تسبب في إيقاف الأعمال الإغاثية، وبعد خمسة أيام من الاعتداء استُئنف العمل في مركز آخر بحسب شهادات جمعتها “مواطنة”.[7]

[1] موقع الأمم المتحدة ” الأمم المتحدة تعقد فعالية رفيعة المستوى لإعلان التعهدات لمساعدة اليمن”، 15 فبراير/ شباط 2019، متاح على : https://news.un.org/ar/story/2019/02/1027411

[2] قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2415 (2018)، الذي تم اعتماده خلال الجلسة رقم 8439 التي عقدت في 21 ديسمبر / كانون الأول 2018. متاح على: http://unscr.com/en/resolutions/doc/2451.

[3] مقابلة مواطنة لحقوق الإنسان مع شهود عيان، تاريخ 25 يوليو/ تموز 2018.

[4] مقابلة مواطنة لحقوق الإنسان مع شهود عيان. تاريخ 29 مارس/ آذار 2018.

[5] مقابلة مواطنة لحقوق الإنسان مع شهود عيان. تاريخ 26 يوليو/ تموز 2018.

[6] مقابلة مواطنة لحقوق الإنسان مع شهود عيان، تاريخ 26 يوليو/ تموز 2018.

[7] مقابلة مواطنة لحقوق الإنسان مع شهود عيان. تاريخ 6 فبراير/ شباط 2019.