الفصل العاشر: الاعتداء على المستشفيات
خلال عام 2018، وثقت مواطنة لحقوق الإنسان ما لا يقل عن 16 هجمة تعرضت لها مستشفيات ومراكز صحية وطواقم طبية. تسببت جماعة أنصار الله المسلحة (الحوثيون) بما لا يقل عن أربع وقائع في محافظتي تعز وإب، بينما تتحمل جماعات المقاومة الشعبية “كتائب أبي العباس” وأفراد اللواء 62 مسؤولية 7 وقائع في محافظة تعز، فيما تتحمل “القاعدة في الجزيرة العربية “مسؤولية واقعة واحدة، في حين يتحمل “تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية” و”كتائب أبي العباس” المسؤولية المشتركة عن واقعة أخرى في محافظة تعز أيضاً. ويتحمل التحالف بقيادة السعودية والإمارات مسؤولية واقعتين في أمانة العاصمة (صنعاء) ومحافظة حجة. فيما لم تتمكن “مواطنة” من تحديد هوية المنتهك في واقعة واحدة في محافظة الحديدة.
تتحدى الهجمات المتزايدة على المستشفيات قوانين النزاعات المسلحة، بما في ذلك اليمن، ويصعب وضع حد لها ما دام يمكن للمنتهكين أن يفلتوا من العقاب. الهجمات على المستشفيات وقتل العاملين في المجال الصحي، وفي سياق مثل اليمن، يشكل خطراً كبيراً على حياة الناس أثناء الحرب، وتمكنهم من الحصول على الحد الأدنى من الخدمات الصحية.
الإطار القانوني
تتمتع المستشفيات والعيادات والمراكز الطبية وغيرها من الوحدات الطبية بحماية خاصة بموجب القانون الدولي الإنساني. وتفقد المستشفيات الحماية التي تحظى بها من الهجمات فقط إذا تم استخدامها، خارج نطاق مهامها الإنسانية، لارتكاب “أفعال تضر بالعدو”. حتى لو تم استخدام مستشفى ما من قبل قوة معارضة لارتكاب أفعال تضر بالعدو، على سبيل المثال لتخزين الأسلحة أو لإيواء المقاتلين القادرين على القتال أو لشن هجمات، فإنه يجب على القوة المهاجمة أن توجه تحذيراً للطرف الخصم للتوقف عن إساءة استخدام المرفق الطبي وأن تحدد فترة زمنية معقولة للتوقف عن إساءة الاستخدام، وأن تقوم بالهجوم فقط بعد أن تتأكد من أنه لم يجر التعامل جدّياً مع التحذير.
يشترط القانون الدولي الإنساني أيضاً السماح للطواقم الطبية، مثل الأطباء، والممرضات، والمسؤولين عن البحث عن الجرحى وجمعهم ونقلهم وعلاجهم، بالعمل وتوفير الحماية لهم. يفقد هؤلاء الحماية التي يحظون بها فقط إذا ارتكبوا أعمالاً تضر بالعدو، خارج نطاق مهامهم الإنسانية. يُحظر معاقبة أي شخص على أداء واجباته الطبية بما يتوافق مع أخلاقيات مهنة الطب، أو إجبار أي شخص على ممارسة أنشطة طبية مخالفة لأخلاقيات مهنة الطب. يجب أيضاً السماح لوسائل النقل الطبي، مثل سيارات الإسعاف، بأداء عملها وحمايتها. وتفقد هذه الوسائل الحماية التي تحظى بها فقط إذا تم استخدامها لارتكاب أعمال تضر بالعدو.
يُلزم القانون الدولي الإنساني أطراف النزاع باحترام وحماية موظفي الإغاثة الإنسانية، بما في ذلك حمايتهم من المضايقة والترهيب والاحتجاز التعسفي. ويجب على أطراف النزاع أيضاً السماح بالمرور السريع للمساعدات الإنسانية وتيسيرها وعدم التدخل فيها بشكل تعسفي، وضمان حرية حركة العاملين في المجال الإنساني، والتي لا يمكن تقييدها إلا مؤقتاً لأسباب تتعلق بضرورة عسكرية ملحة.
بموجب نظام روما الأساسي، فإن تعمد توجيه هجمات ضد المباني والمواد والوحدات الطبية ووسائل النقل والأفراد من مستعملي الشعارات المميزة المبينة في اتفاقيات جنيف طبقاً للقانون الدولي يُعد جريمة حرب، أو أن يتم تعمد توجيه هجمات ضد المستشفيات والأماكن التي يُجمع فيها المرضى والجرحى، شريطة أن لا تكون أهدافاً عسكرية.
بعض الأمثلة على الوقائع:
- في يوم الجمعة 28 أبريل/ نيسان 2018، عند الساعة 10:38 مساءً، ألقت مقاتلات التحالف قنبلة على المركز الوطني لنقل الدم وأبحاثه، الواقع في حرم مستشفى السبعين، مديرية السبعين، أمانة العاصمة (صنعاء).
ورغم أن القنبلة لم تنفجر فقد اخترقت السطح والأرضية الخرسانية وأتلفت شبكة المياه، ما أدى إلى حدوث احتكاك كهربائي بسبب ارتفاع منسوب المياه. وقد تسبب الاحتكاك الكهربائي في تلف العديد من الأجهزة الطبية، وتوقف المركز عن العمل جزئياً، ثم استُأنف العمل بشكل كليّ بعد أربعة أيام من الضربة الجوية. ويقدم المركز خدمات طبية لـ 2000-2900 حالة شهرياً، بحسب إفادة مدير المركز. [1]
- وفي يوم الأربعاء 8 أغسطس/ آب 2018، قرابة الساعة 1:00 ظهراً، قامت مجاميع مسلحة تابعة لكتائب أبي العباس في مدينة تعز، وهي جماعة سلفية مدعومة من الإمارات، بهجوم مسلح على المستشفى الجمهوري التعليمي بمديرية القاهرة، محافظة تعز. كما هاجموا المستشفى مرة أخرى بعد بضعة أيام.
قال شهود عيان إن مسلحي أبو العباس قدموا إلى المستشفى تحت مبرر إسعاف جرحى تابعين لهم أصيبوا خلال المواجهات التي دارت بينهم وبين وحدات من الجيش الموالي للرئيس هادي، وبعد دخولهم إلى حرم المستشفى، تمركز مسلحو كتائب أبي العباس على أسطح مرافق المستشفى، ثم أطلقوا النيران على أبواب وأقفال المخازن وغرف الأطباء، ونهبوا محتوياتها من أجهزة، ومعدات طبية، وأدوية، وأغراض تخص الأطباء.
وقد تسببت هذه الواقعة في إشاعة حالة من الذعر والهلع في أوساط المرضى ومرافقيهم والأطباء والممرضين، ما دفعهم إلى الهروب وسط تهديدات المجاميع المسلحة. كما تسببت الواقعة في توقف العمل في المستشفى بشكل كامل، ولم يعد المستشفى إلى العمل إلا صباح السبت 11 أغسطس/ آب 2018.[2]
وفي ظهيرة ذات اليوم 11 أغسطس/ آب 2018، عادت الجماعة من جديد إلى المستشفى واقتحمته وأطلقت الأعيرة النارية في أقسام الطوارئ، والنساء والولادة، والغسيل الكلوي. وأدى هذا الهجوم إلى مقتل أحد مرافقي المرضى وأحد حراس المستشفى، وجرح ثلاثة آخرين من أفراد الحراسة. ولم يعد المستشفى إلى العمل بعد ذلك إلّا بصورة جزئية بسبب الأضرار.[3]
- وفي يوم الخميس 16 أغسطس/ آب 2018، قرابة الساعة 11:30 صباحاً، أصاب مقذوف يُعتقد أنه مضاد للطيران مبنى العناية المركزة لمستشفى الثورة العام بمديرية صالة، محافظة تعز.
أصابت شظايا من المقذوف أحد مرافقي المرضى، وإحدى الممرضات، وأحد أفراد حراسة المستشفى. ويعتقد شهود عيان أن مصدر المقذوف من اتجاه تلة السلاّل، التي يسيطر عليها أنصار الله (الحوثيون) التي تقع شرق المدينة.[4]
تصحيح: تاريخ واقعة المركز الوطني لنقل الدم قد تم تحديثه ليعكس التاريخ الصحيح للواقعة.
[1] مقابلة مواطنة لحقوق الإنسان مع شهود عيان، تاريخ 29 أبريل/ نيسان 2018.
[2] مقابلة مواطنة لحقوق الإنسان مع شهود عيان، تاريخ 11 أغسطس/ آب 2018.
[3] مقابلة مواطنة لحقوق الإنسان مع شهود عيان، تاريخ 14 أغسطس/ آب 2018.
[4] مقابلة مواطنة لحقوق الإنسان مع شهود عيان، تاريخ 26 أغسطس/ آب 2018.