الفصل الأول: الهجمات الجوية

في عام 2018، وثقت “مواطنة” ما لا يقل عن 150 هجمة جوية على مدنيين و/أو أعيان مدنية نفذتها طائرات التحالف بقيادة السعودية والإمارات في 11 محافظة يمنية، هي حجة، الحديدة، أمانة العاصمة (صنعاء)، محافظة صنعاء، الجوف، صعدة، البيضاء، عمران، إب، تعز، لحج. وقد راح ضحية هذه الهجمات ما لا يقل عن 375 مدني بينهم 165 طفلاً و 50 امرأة، وجُرح 427 آخرون بينهم 172 طفلاً و 55 امرأة. وأدت الهجمات الجوية على الأعيان المدنية إلى الإضرار بالممتلكات الخاصة وبالبنية التحتية لمختلف المرافق؛ كالأحياء السكنية، والقرى، والجسور، والأسواق، والمنشآت الخدمية والتجارية، والقوارب، والمركبات المدنية.

يبدو أن العديد من هذه الهجمات حدثت بعيدًا عن أي أهداف عسكرية محتملة. وفي بعض الحالات، حددت “مواطنة” أهدافًا عسكرية بالقرب من الموقع، لكن الهجوم تسبب في أضرار جسيمة للمدنيين أو الأعيان المدنية.

الإطار القانوني

يطلب القانون الدولي الإنساني، المعروف أيضًا باسم “قوانين الحرب”، من الأطراف المتحاربة تقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين إلى الحد الأدنى أثناء النزاع. ويجب على الأطراف المتحاربة التمييز بين المقاتلين والمدنيين وبين الأهداف العسكرية والأهداف المدنية. المدنيون والأعيان المدنية ليسوا أهدافاً مشروعة للهجوم. ولا يجوز لطرف في نزاع استخدام طريقة أو وسيلة للقتال تكون بطبيعتها عشوائية – أي لا يمكن توجيهها إلى هدف محدد، أو لا يمكن حصر أثرها بمبادئ القانون الدولي الإنساني. يجب أن ينظر المقاتلون في الخسائر المحتملة في أرواح المدنيين، والقيمة النسبية للهدف العسكري قبل شن أي هجوم.

على الرغم من أن بعض الوفيات المدنية الإضافية في هجوم يستهدف هدفًا عسكريًا مسموح به بموجب قوانين الحرب، فإن الهجوم الذي يلحق أضرارًا -غير متناسبة- بالمدنيين مقارنة بمكاسبه العسكرية محظور. يجب على أطراف النزاع أن تفعل كل شيء “ممكن” لضمان أن تكون أهدافها أهدافًا عسكرية، واتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة في اختيارها لوسائل الحرب لتقليل الخسائر العرضية في أرواح المدنيين، والامتناع عن الهجمات التي يُتوقع أن تسبب خسائر غير متناسبة في أرواح المدنيين، أو الأضرار التي تلحق بالأعيان المدنية. بالإضافة إلى ذلك، يجب على الأطراف المتحاربة إعطاء السكان المدنيين “إنذارًا مسبقًا فعالًا” قبل الهجمات إذا سمحت الظروف بذلك. وتُعدّ الهجمات العشوائية غير المتناسبة التي تنفذ بدافع إجرامي، جرائم حرب.

 

 

بعض الأمثلة على الوقائع

  • في يوم الأربعاء 10 يناير/كانون الثاني 2018، قرابة الساعة 3:30 فجراً، ألقت مقاتلات التحالف قنبلة على منزل علي معيض الغمري في قرية الشومية مديرية غمر، محافظة صعدة. قتلت هذه الهجمة ثلاثة أطفال و جرحت والدتهم.

قال خليل جبران (49 سنة)، شاهد عيان: “هذه المرة الرابعة التي تستهدف فيها الطائرات منازل للمدنيين (في المنطقة)، و أكاد أجزم أنها ليست الأخيرة. ها هم أبناء علي معيض :يحيى (18 سنة)، ورجاء (10 سنوات)، وهناء (8 سنوات)، قد قتلوا بينما كانوا يغطون في نوم عميق، لقد كان يوماً مشؤوماً على جميع أهالي غمر[1]“.

  • وفي يوم الأحد 8 أبريل/نيسان 2018، قرابة الساعة 9:30 مساءً، ألقت مقاتلات التحالف قنبلة استهدفت أفراد أسرة عند تجمعهم خارج منزلهم في قرية المحول، مديرية خدير، محافظة تعز. خلفت هذه الهجمة 12 قتيلاً بينهم خمسة أطفال وأربع نساء، وجريحاً في حالة حرجة.

قال محمد صادق (24 سنة)، قريب القتلى: “سمعنا تحليق الطائرة فأخرج والدي كل أفراد الأسرة إلى مكان بعيد عن المنزل خوفاً من أن تستهدف الطائرة منزلنا، لكنها كانت ترصد الخطوات الخائفة للنساء والأطفال، وما أن اجتمعوا حتى ألقت عليهم جحيمها لتتناثر أشلائهم على الأشجار[2]“. ويضيف: “قضينا الليل في تجميع أشلاء أخوتي، تحولت كل الجثث إلى قطع من اللحم المتفحم، لم نستطع تمييز جثة أحد، جمعنا أشلاءهم في أكياس بلاستيكية ودفنّاهم دفعة واحدة[3]“.

أما جميل عبدالله (42 سنة)، فقد قال: “اعتدنا في هذه القرية أن نحمل موتانا على الأكتاف، هذه المرة حملناهم على متن شاحنة لكثرة عددهم[4]“.

  • وفي يوم الأربعاء 22 أغسطس/آب 2018، قرابة الساعة 12:30 ظهراً، ألقت مقاتلات التحالف قنبلتين على مزرعة محمد حسن الأكوع في بني حسن، مديرية عبس، محافظة حجة. و أدت الهجمة إلى مقتل أربعة مدنيين، بينهم ثلاثة أطفال و جرح مدني آخر.

قال علي حسن الأكوع (58 سنة)، أحد أقارب القتلى: “كان أبناء أخي محمد ينتظرون الغداء، فأصابتهم قنبلة غادرة، ولم نجد منهم شيئاً بعدها[5]“.

  • في يوم الخميس 30 أغسطس/آب 2018 قرابة الساعة 6:30 مساءً، شن التحالف 5 غارات جوية على المنطقة البحرية المحيطة بجزيرة عقبان غرب مدينة الخوبة، مديرية اللحية، محافظة الحديدة، أربع غارات استهدفت أربعة قوارب لصيادين ينتمون إلى مدينة الخوبة ومدينة الحديدة. فيما أصابت الغارة الخامسة وسط البحر، وأسفرت الغارات عن مقتل نحو 7 مدنيين وجرح 2 آخرين، بينما لا يزال 7 مفقودين. كما أدت الغارات إلى تحطيم القوارب التي كانوا على متنها تماماً.

قال صياد سمك (30 سنة): “أنا منهار نفسياً لأنني الناجي الوحيد من بين رفاقي”[6].

تصحيح: تم تحديث الرقم الإجمالي للقتلى النساء إلى 50 ليعكس الرقم الصحيح.

[1] مقابلة مواطنة لحقوق الإنسان مع خليل جبران، بتاريخ 13 فبراير/شباط 2018.

[2] مقابلة مواطنة لحقوق الإنسان مع محمد صادق، بتاريخ 16 أبريل/نيسان 2018.

[3] السابق.

[4] مقابلة مواطنة لحقوق الإنسان مع جميل عبدالله، بتاريخ 16 أبريل/نيسان 2018.

[5] مقابلة مواطنة لحقوق الإنسان مع علي حسن الأكوع، بتاريخ 26 أغسطس/آب 2018.

[6] مقابلة مواطنة لحقوق الإنسان مع أحد الناجين، بتاريخ 1 سبتمبر/أيلول 2018.